يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

العرب يعيشون بمنطق القرون الوسطى

عرض في جريدة شبابنا
وصف الكاتب البريطاني روبرت فيسك العرب بأنهم لا يزالون يعيشون في القرون الوسطى، و قال في مقال نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية إن العالم العربي هو المكان الوحيد الذي مازال يحكمه الديكتاتوريين و يوجد فيه الكثير من المظاهر الأمنية و حالات التعذيب و قليل من حقوق الإنسان و نسبة هائلة من الأمية، و تعجب من ضعف مستوى التعليم بالرغم من دخول العالم عصر الكمبيوتر منذ فترة طويلة، بجانب ما تملكه الدول العربية من ثروة نفطية هائلة.
و قد أرجع فيسك أسباب ذلك إلى الإستعمار الغربي و المؤامرات التي شنها على العالم العربي، و كذلك إلى أن العرب لا يستطيعون إغضاب حكامهم عندما يكون العدو على الأبواب في إشارة إلى الصراع العربي الإسرائيلي و قال إن هذه الأسباب هي جزء من الحقيقة و لكنها لا تعبر عن الحقيقة كلها، و إستشهد بما قاله الصحفي العربي رامي خوري "كيف نستطيع معالجة مشاكلنا و الوقوف على الأسباب الحقيقية لتأخرنا في البلاد العربية للوصول إلى التغيير الحقيقي القائم على المواطنة و الإقتصاد الإنتاجي و أنظمة سياسية مستقره، و هذه هي المعضلة التي واجهت الأجيال العربية الثلاث في السنوات الأخيرة" و أوضح فيسك في مقاله أن متوسط الدخل القومي في العالم بين عامي 1980 و 2004 لا يتجاوز 6,4 % مقارناً ذلك بالزيادة السكانية، فتعداد السكان عام 1980 كان 150 مليون و سوف يزيد إلى 400 مليون في عام 2015 مضيفاً أن الكارثة تكمن في ذلك حيث يتسبب الأمر في المزيد من تدهور الأوضاع في العالم العربي، و أضاف فيسك " لقد عاصرت ذلك بنفسي عندما زرت الشرق الأوسط لأول مرة عام 1976 فقد كانت شوارع القاهرة مزدحمة و قذرة و مليئة بالناس صباحاً و مساءاً بالإضافة إلى مليون مشرد يسكنون المقابر، و قد تعجب من نظافة بيوت العرب وقذارة شوارعهم، حتى في لبنان التي يعتبر شعبها أفضل الشعوب العربية من حيث مستوى التعليم و الثقافة و في ظل وجود حياة ديمقراطية نجد هذه الظاهرة بوضوح" و فسر ذلك بأن العرب لا يشعرون أنهم يملكون دولهم، يملأهم الحماس نحو الوحدة العربية و القومية و لكنهم لا يشعرون بالإنتماء الحقيقي إلى الدولة التي يعيشون فيها، كما أن العرب لا يستطيعون اختيار من يمثلهم حتى في لبنان خارج الإطار القبلي أو العشائري، و أضاف فيسك "حتى لو كان هناك حركات تدعو للتغيير فإن قوانين الطوارىء تجعل منها غير شرعية أو إرهابية" و أوضح أن نظام الدولة و من يمثلونها يعتمدون في إدارتهم و بقائهم على الفساد مما جعل الشعب نفسه جزءاً من منظومة الفساد، فالناس يلجأون إلى الرشاوي في معاملاتهم حتى يتسنى لهم قضاء مصالحهم، و إستشهد بالتقرير الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية و الذي شارك في إعداده محللون و أكاديميون عرب، حيث أكد أن العالم العربي في حالة تأخر و تراجع و الدليل على ذلك ضعف الهياكل السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية، مما يجعله عرضة للتدخل الخارجي و قد حدد البرنامج ثلاث عقبات أساسية تقف حجر عثرة في وجه التنمية في العالم العربي و هي تضيق نطاق الحريات و حقوق المرأة و نقص المعرفة، و قال فيسك "لقد كنت مسروراً عندما زرت جامعة القاهرة منذ فترة قليلة و من نفس المكان الذي بدء فيه باراك أوباما عهداً جديداً مع العالم الإسلامي بإستخدام السياسة الناعمة، و قد تعجبت من مستوى الطلبة في الجامعة و عن إزدحام الجامعة بالطالبات و نبوغهن الدراسي".
إلا أن فيسك يرى أن الكثير من الطلبة العرب مفتونون بالسفر إلى الغرب و تعجب من سعيهم للحصول على "جرين كارد" أي تأشيرة الهجرة للولايات المتحدة و قال "من يستطيع أن يلومهم و القاهرة مليئة بسائقي التاكسي من حملة شهادات الدكتوراه في الهندسة" و تسائل فيسك عما إذا كان حل الصراع العربي الإسرائيلي سوف يكون دافعاً لحل مشاكل التنمية في العالم العربي، مؤكداً أن العرب يعتبرون الصراع العربي الإسرائيلي من أكبر التحديات التي تواجههم مما يستلزم تجديد العمل بقانون الطوارىء و الإلتفاف حول الدستور و شغل المواطنين بقضايا تلفت إنتباههم عن المطالبة بالتغيير، و أكد على أن السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين سوف يعيد التوازن إلى المجتمع العربي، و قال أنه إذا كانت الحرب بين الطرفين هي ظلم شنيع فإن هناك صوراً أخرى للظلم في العالم العربي منها العنف الأسري الذي انتشر بصورة كبيرة في الأسر العربية بالرغم من التقاليد التي تعتبر الأسرة هي أساس المجتمع.
و في نهاية مقاله عرض فيسك رؤيته بشأن العالم العربي و التي تتمثل في أنه لابد من إنهاء الإحتلال و الدخول مع العرب في علاقات تعاونية تنموية بدون و صاية عسكرية و قال " إن جنودنا هناك لا يدافعون عنا حقبقة و لكنهم يجلبون المزيد من الفوضى التي تضاعف الظلم و تستفيد منها جهات أخرى مثل القاعدة" و أكد أن المساواة و الديمقراطية هي أساس التنمية في العالم العربي و أن العرب لابد أن يطوروا مجتمعاتهم بما يخدم الشعوب التي تعيش فيها بعيداً عن الوصاية الغربية و حينها قد يدرك العرب أنهم حقاً يمتلكون بلادهم.